لە دایكبووى هەلەبجە-كوردستانى عيراق. نووسەر و روژنامەنووس، بایەخ بە بابەتە فیكرى و سیاسی و ئەخلاقی-ئینسانییەكان دەدات. سەدان وتار و ليكولینەوەى بە زمانەكانى كوردى و عەرەبی بلاو كردووەتەوە. تا ئيستە 7 كتيبی چاپ و بلاو كراوەتەوە، ئەوانیش: - مافى ئافرەت لە نيوان رەگەزسالارى و مروڤسالاریدا. - بەئایدیولوژیاكردنى ئاین. - جەدەلى ئیسلامى و عەلمانى. - ئەخلاق لە سیاسەتدا. -مروڤایەتیمان لە بوسەى ئایدیولوژیادا. - ئاین لە فیكرى مەسعود محەمەددا. - گوتارى ئاینى لەژير وردبیندا. *** *** *** عمر علي غفور، كاتب كردي من كوردستان العراق، من مواليد مدينة حلبجة. مهتم و كاتب بالقضايا الفكرية و السياسية و الانسانية، نشر له العديد من البحوث و الدراسات و المقالات باللغتين الكردية و العربية، بعضها على شكل كتب، حيث صدر له حتى الان 7 كتب باللغة الكردية.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

* خطورة التفكير ضرورة


عمر علي غفور

الانسان في مرحلة الطفولة يعيش في حالة من اللاوعي بحيث لا يفهم الاشياء على حقيقتها ولا يستطيع تقييم الاوضاع التي يعيشها تقييما موضوعيا، لذلك نرى ان الطفل المصاب بعاهة منذ الولادة او بعدها يعيش بين اقرانه عيشة خالية من الازمات النفسية المترتبة بطبيعة الحال من مثل هذه العاهات التي تجعل المصاب شاذا ومتخلفا عن الآخرين مما يجعله في حالة من الكآبة والحزن.. لانه لم يصبح قادرا بعد على ملاحظة ووعي الوضع المتخلف الذي يعيشه ومقارنته باوضاع الاخرين الصحية.. ولن يشعر بالحزن على حالته الا بعد ان يتكون لديه وعي ناضج فيرى ما حوله بوضوح ويلاحظ من ثم أثر العاهة التي المت به في مختلف مجالات حياته..
كذلك الحال بالنسبة للانسان (المفكر) والانسان ( المستسلم) فيما يتعلق بموقفهما من الاوضاع الفكرية والسياسية والاجتماعية السائدة الموروثة..
الكل يفكر؛ مفكرين ومستسلمين، والمقصود بـ(المفكرين) هنا ليس هذا النمط العام من اهل التفكير، بل المقصود به اولئك الذين لا يحبذون النوم على الانماط الفكرية والسياسية والاجتماعية القائمة والمتبناة مرتاحي البال وكأن الاحوال على ما يرام بحيث يكون مجرد التفكير في اعادة التفكير في تفكيرنا بمثابة ترف وعبث لا معنى له… اعني بـ(المفكرين) اولئك الاحياء، اصحاب الوعي والاحساس الذين يفكرون دوما وبعمق وجرأة وموضوعية في الاحوال والانظمة والمشاريع والآليات وطبيعة الحياة التي يعيشونها او يعايشونها فيفهمونها على حقيقتها ومن ثم يدركون قيمتها وعيوبها، وبالتالي ينتابهم الشعور بالحزن والتوتر ازاءها اذا ما توصلوا الى اقتناع بان الامور ليست على ما يرام..
فمثل الذي يفكر والذي لا يفكر (بل يستسلم للوضع القائم) كمثل الشخص البالغ والطفل، فالمستسلم كالطفل تماما يعيش في حالة من اللاوعي وعدم المعرفة بطبيعة الواقع الموضوعي الذي يعيشه لذلك يقبله على علاته وكأنه حالة طبيعية لانه لم يصبح بعد قادرا على التمييز بين ما هو طبيعي يجب التكيف معه، وما هو غير طبيعي يجب الاستعداد لمواجهته.. اما المفكر فهو كالبالغ الذي بات يرى الدنيا ويفهم الامور وينتبه الى نقاط القوة والضعف في ذاته وفي غيره.. فهو يحسب لكل ذلك حسابه. فشتان بين الاثنين..
فالمواطن العادي الذي اعتاد على وضع اقتصادي متدن، وعلى الرضوخ لانظمة دكتاتورية لا يشاركها في شيء الا في ضرورة استعداده الدائم للتحول الى وقود لمشاريعه العدوانية، محروما -مع ذلك- من التمتع بما يستحقه من ثروات وخيرات بلاده، وعلى الاعتقاد بامور وتصورات ورثها عن اجداده دون اعمال الفكر للتثبت من مدى حقيقتها، هذا المواطن -حتى وان عبر احيانا عن تذمره من حالته (الاقتصادية او السياسية او العقدية) تلك- فانه يتعامل معها ويعايشها وكأنها حالة طبيعية من الواجب مداراتها والتكيف معها، لانها قدره!
فهذا الانسان المستسلم من الناحية الفكرية يعيش في حالة من اللاوعي وعدم التفكير، لذلك لا يشعر باية اهانة او غضاضة وهو يعيش هذه الحالة التي يرثى لها، وسيتحمل كل موروث آخر ما دام مستعدا لان يتجنب التفكير في حالته.. فالتفكير هو بداية التمرد على الاوضاع الفاسدة القائمة ومن ثم فهو بداية التغيير، فلو تحول هذا المواطن الى انسان حي فكريا وبدأ يفكر في اوضاعه يحللها ويقيمها ويقارنها بالاوضاع التي حوله، لتغير موقفه من الانقياد الى الانتقاد..
وهذا (اللاوعي) ليس حصرا في المواطنين (الاميين) بالضرورة، فقد يكون المواطن متعلما وهو لا يعي لانه لا يفكر، فهناك الكثير الكثير من المتعلمين في مختلف المجتمعات لا يجرؤون على التفكير في بعض المسائل التي ورثوها خصوصا في مجال المعتقدات. بل يتلقونها مذعنين كما غيرهم من عوام الناس.. من هنا نرى مختلف الاديان والمذاهب والفلسفات والعادات والتقاليد والخرافات تنتقل جيلا بعد جيل في المجتمعات التي تحتضنها وفي كل تلك المجتمعات كثيرون من اهل العلم والفكر.. ولكن اجتنبوا التفكير واستسلموا للامر الواقع..
فالذي لا يفكر في ثقافته الموروثة، في منهج تفكيره او تفكير حزبه، يستطيع ان يعايش اي معتقد او فكرة او منهج موروث مهما كان تافها وساذجا لان الاعتقاد التقليدي الجماعي بحقيقته وصوابيته + عدم اعادة التفكير في هذا الاعتقاد التاريخي كفيلان بديمومته في حياة هذا الفرد..
فبقاء أي معتقد من المعتقدات الموجودة ليس بالضرورة دليلا على حقيقة هذا المعتقد، فقد يكون الاعتقاد اللاواعي بها من الاجيال المتتالية عاملا رئيسيا لبقائه..
وهناك مفارقة في الموقف من عملية التفكير، فكل طائفة وحزب يدعي انه يؤمن بضرورة التفكير وضرورة بناء الانسان الواعي والعارف، وقد يدعو الى ذلك مقتنعا -او متوهما- بان المزيد من التفكير يؤدي الى مزيد من الايمان بطريقته المتبناه، ولكن ما ان يؤدي هذا الانفتاح الى نتيجة غير مرغوبة فيها لديه حتى يعود فيعيد النظر في قضية تشجيع الافراد على القراءة والتفكير، الا تفكيرا مشروطا بشروط تضمن عدم تجاوز بعض الخطوط المتبناة.. وهنا اصبح التفكير في نظر هذا امرا خطيرا يجب وضع حد له.. فالافضل هو الاعتقاد بالمتبناة، والفرد المرغوب فيه في أي مجتمع او مجموعة هو دائما الفرد المعتقد والمخلص وغير المناقش للطريقة المتبناة..
ولكن اذا قبلنا بهذا المنطق - أي منطق قبول التفكير بشروط وضمن حدود- أليس حريا بنا ان نعطي هذا الحق للآخرين ايضا لكي لا يسمحوا لافرادهم بالتفكير خارج حدود منظومتهم الفكرية او السياسية المتبناة ومن ثم عدم الخروج عليها والاعتقاد بما نعتقد مثلا..
وفي هذه الحالة، نكون -جميعا- قد حصرنا افكار بني البشر داخل قوقعات فكرية مغلقة، او لنقل داخل جزر منعزلة ومتباعدة.. وقتها سيكون التفكير امرا عديم الجدوى لانه سيكون تفكيرا من اجل تبرير الموجود وتأصيله لا من اجل النقد والتجريب والغربلة والتغيير، وقتها سيكون الفكر اداة من ادوات الاعتقاد لا من ادوات المعرفة..
باختصار شديد اقول: ان للفكر ضرورته كما ان للفكر خطورته، وخطورته خطورة ضرورية لان انعدامه يكون اكثر خطورة، هذا اذا كنا حقا في جانب المعرفة والحقيقة، اما ان كنا في جانب الانانية والمنفعة الجزئية، فقد تكون عملية التفكير والمعرفة عملية خطرة حقا. من هنا كانت محاولة اصحاب السلطات والامتيازات في قديم الزمان وحديثه منع انتشار التعليم والتثقيف في المجتمع كي لا يفيق الناس فيعوا حقيقة الامر وتكشف عوراتهم..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق