لە دایكبووى هەلەبجە-كوردستانى عيراق. نووسەر و روژنامەنووس، بایەخ بە بابەتە فیكرى و سیاسی و ئەخلاقی-ئینسانییەكان دەدات. سەدان وتار و ليكولینەوەى بە زمانەكانى كوردى و عەرەبی بلاو كردووەتەوە. تا ئيستە 7 كتيبی چاپ و بلاو كراوەتەوە، ئەوانیش: - مافى ئافرەت لە نيوان رەگەزسالارى و مروڤسالاریدا. - بەئایدیولوژیاكردنى ئاین. - جەدەلى ئیسلامى و عەلمانى. - ئەخلاق لە سیاسەتدا. -مروڤایەتیمان لە بوسەى ئایدیولوژیادا. - ئاین لە فیكرى مەسعود محەمەددا. - گوتارى ئاینى لەژير وردبیندا. *** *** *** عمر علي غفور، كاتب كردي من كوردستان العراق، من مواليد مدينة حلبجة. مهتم و كاتب بالقضايا الفكرية و السياسية و الانسانية، نشر له العديد من البحوث و الدراسات و المقالات باللغتين الكردية و العربية، بعضها على شكل كتب، حيث صدر له حتى الان 7 كتب باللغة الكردية.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

*الحضارات و القوى،
بـــين الصــراع والتدافـــــع




عمر علي غفور
الشائع في الاوساط الثقافية العالمية-والكردستانية ايضا- ان هناك نمطين متناقضين من الرؤية الفكرية حول طبيعة العلاقة التي يجب ان تقام و تسود بين الحضارات او القوى السياسية الختلفة: رؤية تؤمن بمبدأ (الحوار و التعايش و ابقاء الاخر) و تدعو اليه، واخرى تؤمن بمبدأ (الصراع و تصفية الاخر و اقصائه).
فحسب الاولى، لاينبغي لاية حضارة او قوة سياسية، ان تجحد الاعتراف بالاخر و بحقه في الوجود و المشاركة، فعدم الاعتراف به يعني-فيما يعني- تمهيد الارضية لتصفيته و اقصائه بهدف التفرد بالهيمنة على الساحة مستغلة في ذلك تفوقها المرحلي وامكانياتها التقنية الضخمة. من هنا تدعو هذه المدرسة الى تبني مبدأ الاعتراف بالاخر و التحاور و التعايش معه بدلا من انكار وجوده و محاولة اقصائه بشتى الوسائل.
بينما المدرسة الثانية ترى، او على الاقل تتعامل على ارض الواقع بشكل يوحي بذلك- ان العلاقة بين الحضاراتهي علاقة حرب و تصادم، وهي علاقة دموية تقوم على مبدأ (البقاء للاقوى ساعدا)، وسيكون من حق القوي ان يبيد الضعيف و محوه من الوجود باية وسيلة كانت.
نظرية (صراع الحضارات) او بالاصح (صدام لحضارات) فرضت نفسها بقوة بعد ان اعلن (صموئيل هنتنجتون) اطروحته حول (صراع الحضارات) في اوائل التسعينات، تنبأ فيها بحدوث صراع بين الحضارة الغريبة من جهة، والحضارتين الاسلامية و الكونفوشيوسية من جهة اخرى، والتي تنتهي -حسب النظرية- بانتصار النمودج الغربي. هنا تنفرد حضارة واحدة على العالم عن طريق هذا الصراع. من هنا سميت النظرية بـ(نظرية صراع الحضارات) على الرغم من ان هنتنجتون لم يدع الى اشعال هذا الصراع كما لم ينظر له وانما عمد الى مجرد قراءة الواقع و تحليلها ومن ثم الخروج منها بهذا التنبأ.
و كرد فعل على هذه النظرية-التي يرى البعض انها انجيل السياسة الخارجية الامريكية-برز على الساحة اطروحة اخرى معاكسة تدعو وتنظر لعدم حدوث هذا الصراع عن طريق تبني اسلوب اخر في التعامل والاحتكاك بين الحضارات وهو مبدأ (الحوار بين الحضارت)، حيث في ظل هذا المبدأ لاتميل أي حضارة للاستبداد والطغيان، بل تعيش الحضارات جنبا الى جنب تحكم علاقاتها الحوار و الاحترام المتبادل.
وكان من بين اقطاب هذه المدرسة التعايشية بعض الكتاب و المفكربن الاسلاميين، حيث بدأوا بالتنظير لهذه الفكرة تحت اسم مشابه و هو فكرة(تدافع الحضارات) مستندين في ذلك على ايتين من القران الكريم تمتدحان ظاهرة التدافع في المجتمع البشري، و يرى هؤلاء ان التدافع هو عكس الصراع، الذي يؤدى الى الغاء الاخر-حسب رأيهم.
فما هو (التدافع) وما وجه تشابهه مع فكرة (الحوار و التعايش)، وكيف امكن استنتاج هذة الفكرة من مفهوم (التدافع)، وما وجه تناقضه مع فكرة (الصراع) او (الصدام) الذي تحدث عنها هنتنجتون؟!
يرى هؤلاء ان الاسلام يؤمن بمبدأ التدافع و يرفض فكرة الصراع، لان الصراع في القران يعني الغاء الاخر و اقتلاعه من الجذور، يقول تعالى: ( فترى لاقوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية، فهل ترى لهم من باقية)، فـ(الصرعى) يعني (المقتول او المصروع)، بينما الاسلام يعترف بوجود الاخر وبالتعايش معه لذلك فهو يطرح بدلا من ذلك فكرة التدافع التي تعني منافسة الاخر والدفع به من موقع الى اخر(حرب المواقع) لا ازالته من الوجود، انظر قوله تعالى (ولو لا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض) (ولولا دفع الله الناس بعضهم بببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله..).
هذه الفكرة رائعة في روحها و افاقها، ويمكننا الاتيان بالعديد من النصوص التاسيسة التي تدعمه ليس بينها بالضرورة هاتين الايتين، ولكن ستبقى هذه الفكرة مهددة بالانهيار اذا ما اصر المنظرون لها على ربطها بالايات التي تتحدث عن التدافع وكانها هي الوحيدة التي تدل على قبول الاسلام بفكرة الحوار و التعايش، أو ان التدافع لايمكن ان تدل على الصراع-الدموي- ايضا.
في البداية أرى ان ايمان الاسلام بالتعايش لايعني البتة انه يرفض فكرة الصراع و يستحسن تبني التدافع، لانه لايوجد دليل على ذلك. فالقران لم يشرح لنا ماهو الصراع او ماهو التدافع، بل نحن من شرحناه و اسقطنا المعنى الذي بدت لنا على الايات. فكلمة (الصراع) لم ترد في القران ولو مرة واحدة لا في مقام المدح ولا في مقام الذم، الذى ورد هو كلمة (صرعى) في الاية المذكورة سلفا ببمعنى المصروع أو المقتول، وليس هناك مايوجب على الباحث الربط بين ما تدل عليه كلمة (صرعى) وما تعنيه كلمة (الصراع) في وقتنا الحاضر.
وحتى لو افترضنا-جدلا- وجود قرابة بين معنيي الكلمتين، فان هذا لايخفي حقيقة ان مصطلح (الصراع) في عصرنا هذا اخذ مدلولا تختلف عن المدلول اللغوي للكلمة كما هو الحال مع كثير من المصطلحات التي لها معنى لغوي واخر اصطلاحي قد يختلف قليلا او كثيرا عن المدلول اللغوي. لذا فحين نتحدث اليوم عن مفهوم الصراع لابد لنا ان نأخذ هذه الحقيقة بعين الاعتبار لا أن نكتفي بالمدلول اللغوي و التاريخي للكلمة كما ورد في المعاجم اللغوية.
(الصراع) باختصار تعني الجدلية او التنافس او التضاد (او قل التدافع) بين الوحدات او الكيانات الاجتماعية او السياسية او الحضارية المختلفة.فـ(الصراع) يطلق على ذات الجدلية او العملية الديناميكية التي تحصل بين التجمعات، لذا فهو في ذاته لا (ابقائي)-كما في الاجواء الحرة و الديمقراطية، ولا(اقصائي)-كما في الاجواء المتوترة التي تسود فيها قيم الاستبداد. قد يؤدي الصراع الى هذا وقد يؤدي الى ذاك. فـ(ابقائية) الصراع او (اقصائيته) تعتمدان على طبيعة الاجواء التي تتم فيها الصراع، والعقلية والقيم السائدة، والاليات و الادوات و الوسائل التي تستخدم فيه، والغاية التي يبتغيها المتصارعون من هذا الصراع أهي لابادة الاخر أم للفوز عليه. وكل هذا يحدده أطراف الصراع لا ذات عملية الصراع.
فقد يكون الصراع عنفيا دمويا الهدف منه القضاء على الاخر بالقوة، وقد يكون صراعا مدنيا وسائله الفكرو المنطق و القدرة على تقديم الافضل. وقد يؤدي هذا الاخير الى اضعاف الاخر او حتى ازالته من الساحة، ولكن هذا يتم بالوسائل المدنية التي أقرتها جميع الاطراف بما فيها الخاسرون، والتي تعطي الفرصة للمهزوم لكي ينهض من جديد و يناهض الاخرين اذا ما استطاع تجاوز سلبياته واستدرك وضعه وكسب رضا الشارع.
فالصراع اذن صراعان: صراع دموي اقصائي و صراع مدني ابقائي، والتدافع كذلك، فقد يكون تدافعا دمويا يصرع الاخر و يقتله، وقد يكون تدافعا مدنيا يناهض الواحد الاخر، يضعفه و قد يزيله، ولكن يبقى الجميع مؤمنين بحق الاخر في الوجود اذا كان موجودا. وليس هناك مايدل على حصر القران معنى التدافع في التنافس المدني فقط، كما ليس فيه ما يدل على انه يرفض الصراع او يرفض حتى التدافع العنفي اذا ما استجدت اجواء مهددة، فهو يدعو الى رد العدوان (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)، يدعو الى مجادلة اللاخر المسالم بالتي هي أحسن، أما حين يميل هذا الاخر الى الظلم و العدوان وقتها يتغير لغة القران معهم فيدعو الى استبدال الية التدافع الى الية يتناسب و مقتضيات الواقع الراهن(ولاتجادلوا أهل الكتاب الا بالتي هي أحسن الا الذين ظلموا منهم). وليس هناك ما يدل على ان التصادم المسلح والذي يؤدي الى القتل والصرع ليس تدافعا، بل العكس هو الاقرب الى الصحيح، فكلتا ايتي التدافع جاءتا في سياق الحديث عن الصراع المسلح-لا المدني. ففي سورة البقرة يتحدث القران عن القتال الذي نشب بين جيش داود-عليه السلام- و جيش جالوت، والذي انتهى بمقتل جالوت على يد داود و هزيمة جيشه، فيقول تعالى: (فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت و اته الله الملك والحكمة و علمه مما يشاء..) ثم يضيف مباشرة: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض).
أما الاية الاخرى فقد جاءت في سياق مماثل. ففي سياق الحديث عن اذن الله للمسلمين لحمل السلاح و رد العدوان بالقوة يقول تعالى: (اذن للذين يقاتلون بانهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله..) ثم يختم بقوله: (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد يذكر فيها اسم الله..)
من هنا خطورة بناء فكرة التعدد والتعايش والتنافس المدني من منظور اسلامي على الايات التي تتحدث عن التدافع، لان السياق تميل الى المعنى المعاكس، أقصى مايمكن الاستنتاج من مفهوم التدافع هو انه يدل على مايدل عليه مفهوم الصراع بوجهيه المدني الابقائي و العنفي الاقصائي. و هنتنجتون في اطروحته تحدث عن النمط العنفي من الصراع وهو يقول فيه (ان للاسلام حدودا دموية)، من هنا يذهب البعض الى اعتبار النزاع البوسني- الصربي، والكوسوفي- الصربي، والالباني-الصربي، و الشيشاني-الروسي، واخيرا الصراع بين القاعدة والولايات المتحدة مؤشرات على صراع الحضارتين الاسلامية و الغربية، وكل هذه النزاعات نزاعات أو صراعات دموية و ليست مدنية، لذلك فاطروحة هنتنجتون هي في الحقيقة عن (صدام الحضارات) و ليس عن (صراع الحضارات) بالمعنى الدقيق لكلمة الصراع، لانه استشهد لنظريته بمثل هذة الحروب والصراعات الدموية.
فالصراع ليس كله شرا، بل الشر و الوباء الوبيل هو في العقلة الدموية و التفكير الاستبدادي و الدموي الذي ينتج الصراعات الدموية التي تهدف ابادة الاخر، أما الصراع المدني و الحضاري فهو ضرورة حياتية للمجتمع البشري ولا حيلة لنا في ممارسته. وهدا النوع من الصراع قائم في المجتمعات الديمقراطية، وأصبح عنصرا من عناصر القوة للمجتمع لاعنصرا يهدد مستقبله و يبدد طاقاته.
والتدافع ليس نقيضا للصراع بل هو مجرد تصوير لعملية الصراع التي هي عملية تدافعية، أو قل هو الصراع نفسه، والذي بدونه يتعفن الحياة و تفسد الارض-حسب التعبير القراني.
وأخيرا ماقيل بشأن الصراع(التدافع) بوجهيه بين الحضارات يمكن قوله عن الصراع بين اللاحزاب والتيارات داخل مجتمع واحد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق