لە دایكبووى هەلەبجە-كوردستانى عيراق. نووسەر و روژنامەنووس، بایەخ بە بابەتە فیكرى و سیاسی و ئەخلاقی-ئینسانییەكان دەدات. سەدان وتار و ليكولینەوەى بە زمانەكانى كوردى و عەرەبی بلاو كردووەتەوە. تا ئيستە 7 كتيبی چاپ و بلاو كراوەتەوە، ئەوانیش: - مافى ئافرەت لە نيوان رەگەزسالارى و مروڤسالاریدا. - بەئایدیولوژیاكردنى ئاین. - جەدەلى ئیسلامى و عەلمانى. - ئەخلاق لە سیاسەتدا. -مروڤایەتیمان لە بوسەى ئایدیولوژیادا. - ئاین لە فیكرى مەسعود محەمەددا. - گوتارى ئاینى لەژير وردبیندا. *** *** *** عمر علي غفور، كاتب كردي من كوردستان العراق، من مواليد مدينة حلبجة. مهتم و كاتب بالقضايا الفكرية و السياسية و الانسانية، نشر له العديد من البحوث و الدراسات و المقالات باللغتين الكردية و العربية، بعضها على شكل كتب، حيث صدر له حتى الان 7 كتب باللغة الكردية.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

* بين العقلانية واللاعقلانية !

...........................
عمر علي غفور

ماهي العقلانية؟ وماهي اللاعقلانية؟ وما الفرق بينهما؟ هل ان الفكر العقلاني هو ناتج العقل بينما الفكر اللاعقلاني ينبثق من شيء اخر غير العقل (جهاز الادراك و التحليل والانتاج المعرفي في الانسان)؟ وهل للانسان ملكة او أداة اخرى للتفكير غير الاداة التي تسمى (العقل) والتي يملكها الجميع ويعتمد عليها الجميع، عقلانيون و لاعقلانيون - حسب التصنيف الشائع؟
الانسان كائن عاقل، هذا ما يردده الجميع، ولكن ماهو العقل؟ يقال هو أداة التفكير، او هو ملكة التفكير في الانسان.. ولكن ماهو الفكر، وماهو مصدره، ومن أين ينبثق؟ هل من المخ أم من القلب ام من مكان مجهول؟
هذا مااختلفت حوله العقول.. فمنهم من يقول ان العقل ادة أو جهاز خاص للتفكير موجود في مكان ما من كيان الانسان(مخه، او قلبه).. ومنهم من يقول ان العقل ليس اداة، أو اسم لاداة، وانما هو فعل أو وصف للعملية التي يقوم بها الفكر.. ولكن ماهو الجهاز او العضو الحي الذي يقوم بعملية التفكير؟ هناك من يقول انه المخ، هناك من يقول انه القلب او الفؤاد، وهناك من يرى ان العقل ماهو الا القلب ذاته..
ولا يتوقف الجدل عند هذا الحد، فهناك من يقسم ملكة الادراك في الانسان الى منبعين ينتج كل واحد منهما نوعا معينا من الادراكات، فالعقل او المخ هو مركز انتاج الفكر و المنطق، بينما تسند المشاعر و العواطف الى (القلب).. الاول يتعامل مع الواقع المادي و يبني معلوماته و مدركاته على معطيات الواقع المادي القائم على نظام السببية.؛ بينما الثاني يتعامل مع عالم الروح، فتاتي معطياته الادراكية بشكل قد يتناقض مع ما اعتاد عليه التفكير العقلاني القائم على قوانين السببية.. وهذا ما يسميه بعض الفلاسفة حدسا او ادراكا مباشرا او معرفة باطنية او نمط اخر من العقلانية مغاير للنمط الارسطي او العلمي..
هنا بيت القصيد.. فحضور القلب أو العاطفة في بنية فكر ما، بمعنى عدم ارتكازه على تفكير منطقي، يجعل هذا الفكر فكرا لاعقلانيا عند الذين يقصرون صفة العقلانية على عقلانية محددة.. من هنا ينتقد محمد عابد الجابري العقل السياسي لكونه قائما على الية (الاعتقاد)، والذي يكون بـ(القلب)…أي بحضور العاطفة(1).. ما يعني ان العقلانية فيها ضعيفة او منعدمة..
ولكن اذا كانت العقلانية في احد معانيها تعني (الحقيقة الموضوعية) أو (الوجود الموضوعي) للشيء، فان من شأن النمط القلبي من الادراك ان ينتج في بعض الاحيان فكرا قد يضاهي التفكير العقلاني من حيث القيمة المعرفية..فالحدس او المعرفة الباطنية اصبح مصدرا معتبرا للمعرفة لدى العديد من كبار الفلاسفة، منهم ديكارت و برغسون و برديائيف و باسكال وحتى باشلار الى حد ما، و قبلهم الغزالي و ابن العربي..
يقول باسكال: (للقلب أحكامه التي ليس للعقل)(2). و يرى برغسون ان العقل أداة لكشف العلاقة بين الاشياء و سيطرة الانسان على البيئة، بينما الحدس اداة لمعرفة حقائق الشعور الباطني للانسان.. ويتعامل مع المطلق... وهو عبارة عن معرفة الاشياء من الداخل..(3)
يقول برديائيف: »ان الادراك الفلسفي فعل روحي لا يقوم به العقل وحده... اننا في الواقع نفهم عن طريق الوجدان أكثر مما نفهم عن طريق العقل... علينا ان لا نلتمس معيار الحقيقة في العقل أو الذهن، وانما علينا ان نلتمس في الروح المتكامل... والحدس هو العامل الذي لا يمكن ان تقوم للفلسفة قائمة بدونه«(4). ولم ينكر باشلار اهمية الحدس الا انه نفى ان تكون المعرفة المباشرة معرفة صحيحة، بل لابد ان تاتي الاخطاء قبل ذلك، يقول: »لا وجود لحقائق اولى، بل الاخطاء هي الاولى«(5).
وقد ذهب الغزالي الى ان (العارفين) يعرفون الحقائق معرفة مباشرة ودون وسائط ومقدمات(6).. هذا وقد انتقد علي حرب كل من محمد اركون ومحمد عابد الجابري لكونهما يستبعدان الفلسفة الاشراقية والتجربة الصوفية العرفانية من دائرة التفلسف ولا يتعاملان معها كنمط آخر من انماط العقلانية، ويضيف حرب »اذ لكل تجربة عقلية فلسفية حدودها ومشروطيتها... يقتضي النظر الى المشروع الفلسفي نظرة... تفتح على المجال الذي اعتاد العقل ان يسميه مجال (اللامعقول)... فان على العقل الفلسفي... ان ينفتح على كل التجارب بما فيها التجربة الصوفية والاشراقية التي شكل عقلانية معينة علينا التنقيب عنها واستكشافها... ولا شك ان هذا النتاج الذي يبدو في ظاهره غير معقول ان ينكشف بعد التحليل... عن عقلانية خفية محتجبة... نعم ان ابن عربي يبدو غير عقلاني فيما لو نظر اليه بمنظار ارسطو أو بمنظار العقلانية العلمية، ولكن لو نظرنا اليه بعين اوسع، بعين هيغل أو هيدغر لتكشف خطابه عن عقلانية واسعة مدهشة«(7).
ولكن اذا توقفنا برهة ودققنا في ماهية هذا التقسيم بين ادراك العقل والقلب، لادركنا انه لا يقوم على اساس صلب يمكن الاستناد عليه دون تردد، فانه في احسن الاحوال مجرد حالة افتراضية، افترضناها لكي نجد مخرجا لما نحس به من تعدد طبيعة ادراكاتنا.. فليس لدينا دليل قاطع حتى على وجود تعدد مصادر الادراك.. وليس لدينا دليل قاطع على ان هذا النوع من الادراك مصدره هذا الجهاز (العقل مثلا)، وذاك الادراك مصدره جهاز آخر (القلب).. فنحن عندما نفكر ونشعر ونعبر، لا نحس بهذا التقسيم في مصادر الاحساس وانتاج الانواع المختلفة من الوعي والادراك والشعور، كما نحس بوجع في المعدة عندما نجوع -مثلا- فنتيقن وقتها ان الجهاز الهضمي هو الجهاز الخاص بالشعور بالجوع.. أو كما نفقد الاحساس برائحة ما عندما نغلق خياشيمنا فندرك ان هذا الجهاز هو جهاز الشم.. فنحن نشعر ونفكر ونستنتج مباشرة عندما نريد هكذا دون ترتيبات في توزيع الادوار على الاجهزة المختلفة، فلا نلاحظ فقداننا الشعور بالعاطفة والحدس اذا ما اصيب قلبنا بآلام ، ولانفقد القدرة على التفكير المنطقي اذا ما اصيب رأسنا باوجاع ، ولو على مستوى بدائي..
اذن العقل هو ملكة الادراك (علما وشعورا) والتفكير، وليس مهما هل هو جهاز واحد، أو ناتج مجموعة اجهزة، لذلك فكل نتاجات هذا الجهاز، سواء كانت عميقة وعلمية وموضوعية، أو بدائية، هشة، وعاطفية، هي نتاجات عقلانية، نسبة الى منبعها أي العقل.. فليس هناك فكر يمكن وصفه بانه لاعقلاني مهما اتسم هذا الفكر بالسذاجة والهشاشة، الا ان يكون ذلك مجرد افتراض عمدي لتسهيل عملية الفرز بين فكر متماسك ومنطقي وآخر بدائي وهزيل.. الفرق بين النمطين هو الفرق في درجة القوة والموضوعية، وليست في طبيعة مصدرهما..
فاذا كنا على يقين بان حضور العاطفة وعدم التعمق في المعرفة يؤديان الى انتاج فكر غير موضوعي ومتسرع وغير دقيق من الناحية المعرفية، فينبغي ان نلقي باللائمة على سذاجة هذه العقلية وعدم نضوجها، لا ان نخلع عن هذا الفكر اخص خصائصه والذي بدونه لم يكن ليرى النور، وهي العقلانية (نسبة الى العقل كاداة الانتاج)..


الهوامش:
1-العقل السياسي العربي، محدداته وتجلياته، د0 محمد عابد الجابري ط3 1990، ص16.
2-العزلة والمجتمع، نيقولاي برديائيف، ت: فؤاد كامل ص28.
3-الجمالية، د0 عقيل مهدي يوسف ص77-78.
4-العزلة والمجتمع ص28-29.
5-درس الابستمولوجيا أو نظرية المعرفة، عبد السلام بنعبد العالي، سالم يفوت ص25-26.
6-احياء علوم الدين، ابو حامد الغزالي، ج3 ص24-25
7-نقد النص، علي حرب، المركز الثقافي العربي، ط2 1995، ص92، 96، 120.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق