لە دایكبووى هەلەبجە-كوردستانى عيراق. نووسەر و روژنامەنووس، بایەخ بە بابەتە فیكرى و سیاسی و ئەخلاقی-ئینسانییەكان دەدات. سەدان وتار و ليكولینەوەى بە زمانەكانى كوردى و عەرەبی بلاو كردووەتەوە. تا ئيستە 7 كتيبی چاپ و بلاو كراوەتەوە، ئەوانیش: - مافى ئافرەت لە نيوان رەگەزسالارى و مروڤسالاریدا. - بەئایدیولوژیاكردنى ئاین. - جەدەلى ئیسلامى و عەلمانى. - ئەخلاق لە سیاسەتدا. -مروڤایەتیمان لە بوسەى ئایدیولوژیادا. - ئاین لە فیكرى مەسعود محەمەددا. - گوتارى ئاینى لەژير وردبیندا. *** *** *** عمر علي غفور، كاتب كردي من كوردستان العراق، من مواليد مدينة حلبجة. مهتم و كاتب بالقضايا الفكرية و السياسية و الانسانية، نشر له العديد من البحوث و الدراسات و المقالات باللغتين الكردية و العربية، بعضها على شكل كتب، حيث صدر له حتى الان 7 كتب باللغة الكردية.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

* العنف البشري، عود أبدي

عمر علي غفور
في عالم اخص خصائصه الحركة الدائبة و التغير المتسارع و التطور الدراماتيكي يصعب الحديث عن الثوابت، فقد ذهب ماركس قبل اكثر من قرن الى ان الذي لايتغير هو التغير نفسه فقط، فما بالك ونحن نعيش اسرع الازمان؟!
ولكن رغم كل النظريات القائلة بالتغير المطلق في طبيعة الانسان و الحياة، اثبتت التجربة ان هناك غرائز و قيم بشرية لم تستطع كل التحولات العظيمة التي حدثت تترى في نظام القيم و الحضارة و التقدم خلال قرون من الزمن ان تغير من جوهرها الا قليلا، فبقيت تعبر عن وجودها في سلوك الانسان و المجتمع البشري وان في قوالب و اشكال مختلفة. من هذه الغرائز او القيم هي الوحشية الكامنة في طبيعة الانسان التي تعبر عن نفسها في لجوء الانسان الى العنف كطريقة في الصراع من اجل الانتصار.
فقد ذهب الكثيرون في القرنين الماضيين الى ان الوحشية و الدموية و قيم العنف هي قيم الانسان البدائي المتخلف الجاهل الذي كان لايدرك غير السلاح وسيلة للكسب و المعاش. فالعنف اذن ليس ثابتا بشريا ملازما، بل هو نتاج ثقافة بدائية اقرب الى الحياة الحيوانية، وبالتالي يستطيع الانسان نزعه كما يستطيع نزع نعاله. ولكن ما حدث خلال القرنين الماضيين و بالاخص خلال الحربين العالميتين من فتك بالانسان و الانسانية على يد ارقى اجيال الانسانية و ارقى امم الارض حضارة اصاب الكثيرين بالتشاؤم حيال صدق هذه النظرية، و تبلورت شيئا فشيئا مدرسة فكرية تقول بان الوحشية الانسانية هي هي في الحاضر كما في القرون البدائية، الذي تغير هو مجرد الشكل و القالب.
هذا لايعني تكريس العنف و الرضوخ لسلطانه، فلم تركن البشرية للعنف كخيار مطلق، بل قاومه كما يقاوم كل نوازع الشر في داخله. فكما ان العنف يولد العنف فان بامكان العنف ان يولد اللاعنف ايضا. فالعقلاء ، مفكرين و ساسة و مصلحين، لم يسارعوا الى وضع الدساتير و المواثيق و المؤسسات الدولية التي تحافظ على السلام العالمي و تحول دون اندلاع الحروب و الصراعات الدموية الا بعد ان اكتووا بنار الحروب و الاقتتال. ونجحوا في مسعاهم الى حد كبير، حيث تم محاصرة العنف على الاقل في المجتمعات الديمقراطية ما يوحي ظاهرا انه ازيل من جذوره، ولكن ما ان يحتدم صراع على المصالح حتى يتحول هذا الانسان المسالم المتحضر الى وحش كاسر.
بعد انهيار المعسكر الشرقي التوتاليتاري انتعش الامال من جديد بالقضاء على العنف، وخاصة بعد ان نشر فوكوياما اطروحته القائلة بحتمية توجه المجتمع البشري نحو الديمقراطية الليبرالية التي تحقق له اقصى الدرجات الممكنة في الكمال المعرفي و القيمي. وصرح كل من الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون و رئيس الوزراء البريطاني توني بلير اثناء الحملة العسكرية لـ(ناتو) على صربيا عقابا لها على اضطهاد مسلمي كوسوفو بان (هذه الحرب هي الاولى في التاريخ التي تشتعل من اجل القيم لا المصلحة).
ولكن لم تستطع هذه القوى العظمى ان تفي لمبادئها ولشعاراتها التي رفعتها، فهي وقد فشلت في التاسيس لعالم يختفي فيه استخدام العنف وسيلة لحسم الخلافات، فشلت كذلك في الناي بنفسها عن الاستخدام اللامشروع للعنف(هذا في حال افتراض وجود نوع مشروع ومؤقت للعنف لكف العدوان، كما في الحالة الصربية). ما ترتكبه اسرائيل ضد المدنيين في كل من لبنان و فلسطين، مستفيدة من غطاء و دعم امريكي، هو احدى مؤشرات هذا الفشل، وهناك مؤشرات اخر.
قيل قديما (الظلم كامن في النفس، فالقوة تبديه و العجز يخفيه)، فدموية اسرائيل رغم ديمقراطيته الداخلية الفذة، و سكوت و دعم الولايات المتحدة، رائدة الديمقراطية في العالم، لاسرائيل في ما ترتكبه يثبت حقيقة مرة وهي ان العنف لم تنعدم حتى من دواخل ارقى الانظمة تقدما و ديمقراطية، فهو كامن في نفوسهم، الهدوء يخفيه والانفعال يبديه، فهو في عود ابدي(*)، يختفي ثم يظهر من جديد، ثم يختفي تارة ليظهر من جديد بعد فترة اخرى، وهكذا الى ماشاء الله.(تحدثنا هنا عن موقف امناء الديمقراطية من العنف ولم نتحدث عن عنف حزب الله ضد المدنيين الاسرائيليين بغير حق، لانهم اولى بالعزوف عن استخدام العنف و سفك دماء الابرياء و تخريب البلدان العامرة، اما حزب الله و امثاله فهم متهمون اصلا من قبل الامريكيين و الاسرائيليين بالارهاب، فلا حاجة اذن الى نقدهم في استخدام العنف لاننا نحاسب اي طرف بالمعايير و القيم التي يتبناها و يؤمن بها).
احيانا يبدو الحديث عن مخرج للبشرية من دائرة العنف هو ضرب من الوهم و الشعرية المفرطة خاصة حين يبدو الافق مظلما و الاخفاقات طاغية، ولكن اذا كنا عاجزين عن منع طاحونة العنف من الدوران و العود الابدي، فيمكننا محاصرة العنف لحظة عودته ليكون اقل وطاة و اقصر مكوثا، وذلك بالحد من نوازع النفس الامارة بالسوء والاحتكام الى لغة الحوار و المنطق و المصلحة المشتركة. فالدافع وراء اصرار اسرائيل على استمرار عملياتها العسكرية دافع نفسي اكثر منه عقلاني و براجماتي، فهي تعتقد ان حزب الله قد اهانها بأسره الجنديين الاسرائيليين، لذا يجب رد الاعتبار مهما كان الثمن، فراحت تدفع بارواح المئات من الجنود و المدنيين الاسرائيليين الى محرقة الموت. وموقف حزب الله هو ايضا يحدده الى حد بعيد دوافع نفسية اكثر منها عقلانية، فقد اسر جنديين اسرائيليين ليفاوض بهما لاطلاق سراح عدد من الاسرى اللبانيين فاذا به يسبب في قتل المئات والالاف الاخرين و قد يكون هناك اسرى جدد، ومع ذلك هو مصر على التمسك بالاسيرين وليحصل ما يحصل. فبحساب المنطق و المصلحة كلا الجانبين ضالعان في معركة خاسرة.
والمخرج العقلاني اذن هو وقف العنف و الاحتكام مجددا الى لغة الحوار لانقاذ ما يمكن انقاذه على الاقل.

(*) العود الابدي: (نظرية فلسفية قال بها الرواقيون، ومن بعدهم نيتشه، وهي تنفي التقدم في التاريخ لتقول ان كل شيء يعود فيكرر نفسه دوريا) البنيوية فلسفة موت الانسان، روجيه جارودي، ت: جورج طرابيشي، ص6 الهامش.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق