لە دایكبووى هەلەبجە-كوردستانى عيراق. نووسەر و روژنامەنووس، بایەخ بە بابەتە فیكرى و سیاسی و ئەخلاقی-ئینسانییەكان دەدات. سەدان وتار و ليكولینەوەى بە زمانەكانى كوردى و عەرەبی بلاو كردووەتەوە. تا ئيستە 7 كتيبی چاپ و بلاو كراوەتەوە، ئەوانیش: - مافى ئافرەت لە نيوان رەگەزسالارى و مروڤسالاریدا. - بەئایدیولوژیاكردنى ئاین. - جەدەلى ئیسلامى و عەلمانى. - ئەخلاق لە سیاسەتدا. -مروڤایەتیمان لە بوسەى ئایدیولوژیادا. - ئاین لە فیكرى مەسعود محەمەددا. - گوتارى ئاینى لەژير وردبیندا. *** *** *** عمر علي غفور، كاتب كردي من كوردستان العراق، من مواليد مدينة حلبجة. مهتم و كاتب بالقضايا الفكرية و السياسية و الانسانية، نشر له العديد من البحوث و الدراسات و المقالات باللغتين الكردية و العربية، بعضها على شكل كتب، حيث صدر له حتى الان 7 كتب باللغة الكردية.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

* بين الاخلاق والسياسة



عمر علي غفور
لسنا هنا بصدد ايراد التعريفات الكثيرة لكل من (الاخلاق) و(السياسة) لكي نبرز من خلالها طبيعة العلاقة بين المفهومين، فمن شأن ذلك ان يزيد من تعقيد الموضوع ويشرد ذهن القارئ، خصوصا اذا كنا بصدد معالجة هذا الموضوع في سياق مقال صحفي..
فلو سألت انسانا عاديا في الشارع -دعك من المثقفين- عن فهمه أو تعريفه لـ(الأخلاق) و(السياسة)، لأجابك بأن (الاخلاق) هي العمل الصالح، وان السياسة هي ما يتعلق بنشاطات الاحزاب والحكومات.. ولو سألناه عن رؤيته حول العلاقة بين الاخلاق والسياسة، لقال بأنهما شيئان مختلفان ومتناقضان تماما، فلا اخلاق في السياسة!..
هذا الجواب الساذج والبدائي من حيث العمق واللغة المعرفية، يعبر بشكل جيد عن صورة كلا المفهومين وطبيعة العلاقة بينهما على ارض الواقع، في عصرنا الراهن، وفي عصور سابقة ايضا، وان اختلفت درجته من مجتمع الى آخر.. وهناك مفكرون وفلاسفة ينظرون لتأصيل هذه الرؤية معرفيا.. حيث يؤكدون على ان طبيعة العمل السياسي والصراع السياسي والتنافس على السلطة تقتضي تجاهل القيم الاخلاقية، وبدون ذلك يصعب على السياسي -أو (الامير) حسب تعبير ميكيافيلي- ان يكسب الصراع؛ الهدف الاعلى للعمل السياسي..
ولكن رغم هيمنة هذه النظرة على واقع الممارسة السياسية في اغلب الاوقات، الا انه لا يمكن تجاهل حقيقة أخرى، وهي ان النزعة الاخلاقية المغروسة في طبيعة الانسان، مارست -وبشكل موازي لفاعلية النزعة المادية والانانية للإنسان- دورها في توجيه الانسان نحو العمل على ترشيد (السياسة) ترشيدا انسانيا، بحيث تتلاءم مع القيم الاخلاقية، التي اجمعت ضمائر البشر على استحسانها والتأكيد على اهميتها، لكي تحد من طغيان النزعة الانانية والشهوانية للانسان، والتي من شأنها تحويل المجتمع البشري الى غابة للوحوش، يأكل القوي فيها الضعيف، ويتحكم فيها قانون (البقاء للاقوى).. فنحن نجد بجانب من يقولون بضرورة سير العملية السياسية بعيدا عن هيمنة الأخلاق، آخرين ينادون دوما بضرورة ضبط الفعل السياسي بالقيم الخلقية… ولهذه الجهود ثمار يمكن تلمسها، فكل خطوة خطتها البشرية نحو الامام في اصلاح النظام السياسي للدولة عن طريق تحديد صلاحيات السلطات وفصلها، ومراقبة وتقييد الحاكم، وضرورة عزله عند الحاجة، والتداول السلمي للسلطة، وحرية ممارسة العمل السياسي، لكل ذلك تقدم نحو الطريق الصحيح، الطريق الاخلاقي في ممارسة السياسة، كيف لا، وان هذه الضوابط والآليات الديمقراطية تحول دون ظهور الاستبداد والدكتاتورية وسفك الدماء وهضم الحقوق، ألبست هذه اخلاقا في السياسة؟.
وكل خطوة خطاها المجتمع الدولي في تحديد العلاقات الدولية على اسس تضمن حقوق الجميع، وتمنع تسلط القوى العظمى على مقدرات العالم، هو خطوة نحو (أخلقة) السياسة الدولية..
بل نستطيع ان نؤكد على ان مجرد ممارسة العمل السياسي وتأسيس السلطة السياسية، هو في ذاته عمل يخفي مضامين اخلاقية، بدليل ان السلطة السياسية ان اتهمت في بعض اوجه نشاطاتها بالاستبداد واحتكار مقدرات الوطن، فانها تقوم بتأمين حاجيات اساسية للمجتمع لا يمكن الاستغناء عنها، مثل القضاء على الفوضى، وتوفير نوع من الامن الاجتماعي، والدفاع عن الحدود، وتطبيق القانون، واعادة توزيع الثروة بين المواطنين، وتأمين الخدمات الصحية والتعليمية.. الخ. وهذه كلها فعاليات ذات مضامين اخلاقية.. ولم يكن النشاط السياسي، والصراع من أجل السلطة، ليستمر في التاريخ، ويبرر لوجوده، ما لم يحتوي على هذه الغايات والفعاليات الايجابية..
للاخلاق اهمية كبرى في الحياة، ولا بد ان تتدخل الاخلاق في كل مجالات الحياة، كي تؤنسنها، وحتى الميكافيليون لا يخفون اعترافهم باهمية الاخلاق في حياة المجتمع، وحتى الذين يتجاهلون الأخلاق في فعالياتهم السياسية، ويلجأون الى شتى وسائل الخديعة والتزييف والكذب والخيانة والسلب والنهب، يحاولون التمظهر في صورة اخلاقية وينفون عن انفسهم السلوكيات الدنيئة تلك.. كل هذه الحقائق تثبت ان الاخلاق هي ضالة البشرية جمعاء، وهي تجاهد وتجاهد كي تصل اليها، ولا بد ان تصل اليها..
ولا يبدو هذا بالأمر العسير في ظل ما نرى من الاصلاحات الديمقراطية التي تحققت في النظام السياسي، وليس هو بالأمر العسير اذا ما قررنا تغيير ترتيب الأولويات، فأعطينا الأولوية في العمل السياسي للأخلاق لا للمصلحة، كما كان الحال في السابق وحتى اليوم، وقتها ستكون الأخلاق والسياسة سيان، ووجهان لحقيقة واحدة..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق