لە دایكبووى هەلەبجە-كوردستانى عيراق. نووسەر و روژنامەنووس، بایەخ بە بابەتە فیكرى و سیاسی و ئەخلاقی-ئینسانییەكان دەدات. سەدان وتار و ليكولینەوەى بە زمانەكانى كوردى و عەرەبی بلاو كردووەتەوە. تا ئيستە 7 كتيبی چاپ و بلاو كراوەتەوە، ئەوانیش: - مافى ئافرەت لە نيوان رەگەزسالارى و مروڤسالاریدا. - بەئایدیولوژیاكردنى ئاین. - جەدەلى ئیسلامى و عەلمانى. - ئەخلاق لە سیاسەتدا. -مروڤایەتیمان لە بوسەى ئایدیولوژیادا. - ئاین لە فیكرى مەسعود محەمەددا. - گوتارى ئاینى لەژير وردبیندا. *** *** *** عمر علي غفور، كاتب كردي من كوردستان العراق، من مواليد مدينة حلبجة. مهتم و كاتب بالقضايا الفكرية و السياسية و الانسانية، نشر له العديد من البحوث و الدراسات و المقالات باللغتين الكردية و العربية، بعضها على شكل كتب، حيث صدر له حتى الان 7 كتب باللغة الكردية.

الأربعاء، 7 أكتوبر 2009

* بين الدين والسياسة،
الوجــه الآخـر للعلاقــة

..............
عمر علي غفور


ارتبط اسم السياسة في عالمنا المعاصر، بـ(الدنيا) كنقيض لـ(الدين)، من جهة، وببعض قيم غير نزيهة مثل الانانية والمصلحية والخديعة وانعدام الثقة والازدواجية واستحلال الظلم والقهر والمؤامرة والفتك بالآخر، من جهة أخرى..
وقد جعلت هذه الرؤية ذريعة للمطالبة بالفصل بين الدين (الاسلام) والسياسة من قبل التيار العلماني في العالم الاسلامي.. أي ما دامت (السياسة) فعلا دنيويا، والدين (ديناً)، وما دامت (السياسة) فعلا شنيعا اخلاقيا، و(الدين) منبع الطهر الروحي والاخلاقي، فلا بد من الفصل بينهما، حيث المجالان مفصولان في ذاتهما، وانما خلطا بفعل انساني، مما نتج عنها تشويها للدين والدنيا معا –حسب هذه الرؤية.. ويضربون مثالا على ذلك بما حدث في التاريخ السياسي الاسلامي من صراعات دموية بين الفصائل المتناحرة على السلطة، وخاصة ما قامت به الاسر الحاكمة بحق معارضيهم من القتل والسجن والتشريد..
نترك في هذه الفرصة الحديث عن الشق الاول من الموضوع -أي علاقة الدين بالسياسة بسبب كون الآخر فعلا دنيويا - بأمل الرجوع اليه في فرصة اخرى، ونقف قليلا على الشق الثاني، أي علاقة الدين بالسياسة كعلاقة الشيء الطاهر بالشيء الدنس..
ان الذي لا يختلف فيه اثنان ان الانسانية قد ذاقت من آثار والصراعات السياسية والتناحر على السلطة واستبداد النظم السياسية اكثر مما ذاقت من المرارة في أي مجال آخر من مجالات الحياة، وان القيم الاخلاقية والنبيلة انتهكت اكثر ما انتهكت في مجال السياسة، وان السياسة اثارت في الانسان احط المشاعر والاحاسيس واكثر السلوكيات دناءة.. الامر الذي جعل البعض يعتقد بان السياسة تحكمها قوانينها القائمة على مصلحة الذات والمستقلة عن الاخلاق، وان الاخلاق إنما تحدد سلوكيات الفرد الاجتماعية، ولا علاقة لها بالسلوكيات السياسية للجماعات والاحزاب والدول.. من هنا تم تثبيت نظرية الفصل بين الاخلاق والسياسة..
فاذا جئنا الى الدين، وتحديدا الدين الاسلامي، نرى انه يولي اهتماما كبيرا وملموسا بتربية الفرد تربية اخلاقية، بحيث تنعكس هذه التربية في جميع مجالات حياته الفردية والاجتماعية.. بما فيها السياسية.
فالاسلام، كما الاديان السماوية السابقة، جاء ليقيم حياة العدل والكرامة على الارض [ ولقد ارسلنا رسلنا بالبينات وانزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ]، بل حض المسلمين على الجهاد من اجل تحقيق العدالة والقضاء على ظاهرة استضعاف الشعوب [ ما لكم لا تقاتلون والمستضعفون من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا اخرجنا من هذه القرية الظالم اهلها..].
فبناء الحياة الاسلامية الاخلاقية هو غاية الاسلام النهائية في الحياة. فاذا رأينا ان الاسلام يهتم بتصحيح سلوكيات الفرد في مسائل جزئية بسيطة في حياته الخاصة، فان الاولى به ان يهتم بتوجيه وترشيد المجال الاكبر والاكثر خطورة في حياة الفرد والمجتمع، وهو المجال السياسي الذي ينتج عن انحرافه الخلقي مظالم وآثام اكبر بكثير مما قد ينتج عن سابقاتها..
اذا كنا نعتقد ان الدين هو الطاهر والمطهر، فكيف نجيز لانفسنا ان نعزل تأثيره المطهر على اخطر مجال من مجالات حياتنا، وهو المجال السياسي؟ واذا كنا نرى ان التاريخ الاسلامي يشهد صراعات دموية بين الفصائل السياسية، مورس فيها غير قليل من القسوة والانانية، فان هذا يعد انتهاكا لتلك القيم التي اقرها الاسلام في نصوصه، ايا كان الشخص او الجماعة التي مارست تلك المظالم.. فالرجال تعرف بالحق ولا يعرف الحق بالرجال، كما قيل، واذا كنا نرى نصوص الاسلام تصرح بضرورة انسنة السلطة والسياسة، ونرى بجانب ذلك التأثير الكبير للدين على الجماهير المؤمنة، فبأي منطق نبرر فصل السياسة عن هذا المنبع الثري من القيم الاخلاقية، لذريعة بسيطة وهي اننا لم نر نموذجا للسياسة تجسدت فيه هذه القيم؟!
اذا رأينا مجتمعا يدعو اللـه تعالى ان يخرجه من أرضه وبلده، بسبب ظلم اسيادها، فاعلم ان هذه السلطة وهذه السياسة ليست اسلامية أو ليست صادقة في الالتزام بالاسلام، مهما كان اسمها وشعارها..
فاذا قبلنا مطالبة البعض بفصل الدين عن السياسة نتيجة سوء ممارسة السياسة من قبل السابقين في التاريخ الاسلامي، فان من حقنا ان نطالب جميع القوى والسلطات السياسية والمثقفين والكتاب بشتى تياراتهم الى تبني مشروع انسنة السياسة عن طريق تفعيل البعد القيمي للدين، الذي يلح على ضرورة مقارعة الظلم والاستبداد والاستكبار والاستضعاف...
أما آن لنا ان نعيد قراءة الدين قراءة قيمية وانسانية، كي نستطيع من خلال ذلك اعادة تفعيل الدور القيمي، لا السلطوي والقانوني فحسب -كما يجري اليوم- للدين، الامر الذي من شأنه ان يساعد مساعدة فعالة في بناء السياسة الصالحة والنظام السياسي الصالح، والصراع السياسي الشريف والاخلاقي، كما ساعد على بناء الانسان الصالح والصادق والعفيف والامين على طول التاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق